الإصلاح الزراعي والعدالة التوزيعية في تسوية النزاعات المسلحة الداخلية
بوجوتا، 5-6 حزيران/ يونيه 2009
المفهوم الذي تتناوله الحلقة | البرنامج | التسجيل | العروض | موجز السياسة
في المراحل الانتقالية من النزاع المسلح إلى السلام، ينزع المجتمع الدولي إلى أعطاء الأولوية لعمليات توطيد السلام وبنائه دون الاهتمام بتحقيق أي مصالح أخرى. ولهذا نالت العدالة التقويمية منذ بدايات التسعينيات مزيدا من الاهتمام. ويسعى هذا الاتجاه إلى الحد من الظاهرة السائدة منذ فترة طويلة وهي إفلات المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية من العقاب. فآليات العدالة الانتقالية غالبا ما تكون في المقابل عدالة انتقامية تستهدف الجناة وعمليات تستهدف الاعتراف بالحقيقة وتعويض الضحايا. حيث تركز العدالة الانتقالية عمليا بالضرورة على السلوك الفردي في أثناء النزاع الذي كان دائرا والآثار المحددة المباشرة للفظائع. ونتيجة لذلك، يقل اهتمامها بالعدالة التوزيعية واعتبارات الكفاءة الاقتصادية. وقد أشير إلى هذه الثغرة في الدراسات التي تناولت العدالة الانتقالية بعناية شديدة بوصفها تمثل إشكالية في أثناء الحلقة الدراسية التي عقدها منتدى القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي بعنوان "القانون في مفاوضات السلام" في بوغوتا في 15 و16 حزيران/ يونيه 2007.
وعندما تؤخذ اعتبارات العدالة التوزيعية والكفاءة الاقتصادية في الحسبان، يتفتح منظور أكثر اتساعا حول عمليات الانتقال، كما تبرز قضايا جديدة وصعبة. غالبا ما تتسبب النزاعات المسلحة في آثار مدمرة على المجتمعات السياسية، ودمار شامل لرأس المال المادي والاجتماعي، مخلفة وراءها فئات واسعة ترزح تحت وطأة فقر مدقع في حين يتمتع غيرها بمراكز سلطة اقتصادية، وعندما ينضم منظور العدالة التوزيعية، تثور أهمية المصالح الأساسية للعدالة الاجتماعية والاقتصادية، جنبا إلى جنب مع المصالح الرئيسية كالنظام العام والمساءلة عن الفظائع. وإن لم نفعل ذلك، لن تتحدد بشكل فعلي الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لضحايا النزاع المسلح بالطريقة نفسها خلال العملية الانتقالية. باختصار، عندما تثار مزاعم التعويضات في الفترات التي تعقب النزاعات المسلحة، قد تتعارض اعتبارات العدالة الانتقالية والعدالة التوزيعية والكفاءة، ونحتاج حينها إلى إحداث نوع من التوازن بينهما.