التعليقات الختامية التي أدلت بها السفيرة أنيكن آر كروتنز
في ختام حلقة العمل التي عقدت تحت عنوان "المصالحة أم المساءلة: الموازنة بين مصالح السلام والعدالة" بتاريخ 29 مايو 2015، أدلت رئيسة الحلقة السفيرة أنيكن آر كروتنز بالتعليقات التالية:
"اسمحوا لي بأن أطرح عددا من العناصر التي يتألف منها هذا المزيج.
أولا، لا نعرف بطريقة معملية تجريبية الإجابة عن السؤال الذي مفاده هل المساءلة الجنائية أو لجان الحقيقة والمصالحة تسهم مساهمة فعلية في الوصول إلى المصالحة ولا تعرف عكس ذلك أيضا، أي لا نعرف أنها لا تسهم في الوصول إليها. لكن ربما يكون لدينا افتراضات يعضددها بشكل أو بآخر عمل المؤسسات المعنية، والسياق الاجتماعي السياسي التي تعمل فيه، وآراء من هم في أفضل موقع يسمح لهم بتقييم القدرة على المصالحة وأثر تلك المؤسسات. وقد سعت هذا الحلقة إلى تطوير وتجميع الآراء المسببة التي أدلى بها سبعة خبراء معترف بهم لبدء إجراء مناقشة أكثر تعمقا وكذا إجراء التحليل اللازم.
ثانيا، وكما ذكر البروفيسور ستان في موجزه: "تتطلب المصالحة الاعتراف بهوية مشتركة أكثر شمولا. لكن المحاكمة الجنائية توفر الظروف التي تيسّر هذه العملية المعقدة. وقد تؤشر على حدوث انفصام عن الماضي يسهم في تنفيذ عملية المصالحة". وربما يعكس هذا بالضبط ما يفترضه بعض رجال القانون. وقد يساعد الإقرار بالحقائق أمام المحكمة في ولادة المصالحة على المدى البعيد، لكن ذلك يعتمد على عوامل من قبيل مدى تمثيل القضايا المختارة لباقي القضايا وكيفية ترتيبها من حيث أولويتها وأيضا كيفية كتابة الأحكام القضائية.
ثالثا، إذا افترضنا حقا أن المحاكمات على جرائم الحرب قد تسهم في بعض الأحيان في الوصول إلى المصالحة، فالانفصام بين المساءلة الجنائية ولجان الحقيقة والمصالحة غير كائن في الأساس. فكلاهما يمكنه في بعض الأحيان أن يسهم في الوصول إلى المصالحة. وقد يؤدي الاعتراف بذلك إلى ترتيب آثار على السياسة العامة في بعض البلدان. وقد يؤثر أيضا على الحديث الدائر حول العدالة الانتقالية.
رابعا، عندما استوفت العدالة الجنائية إزاء الجرائم الدولية الأساسية بعض المعايير الأساسية، ألمح العديد من المتحدثين إلى أنه من المرجح أكثر أن تسهم المحاكمات في الوصول إلى المصالحة. وقد نوقش عدد من المعايير ومنها جودة العدالة الجنائية، وسرعة الإجراءات وانخفاض تكلفتها واختيار القضايا وترتيبها من حيث أولويتها وحسن إشراك الجهات الفاعلة في الدول التي وقعت فيها الجرائم والاستقلالية والحياد في إقامة العدل.
خامسا، من المهم أن يشارك رجال القانون –من أوساط الممارسين للمهنة والأوساط الأكاديمية- في المناقشة الدائرة حول السؤال الذي مفاده هل تسهم العدالة الجنائية إزاء الجرائم الدولية الأساسية في الوصول إلى المصالحة. إذ يجب ألا توكل هذه المناقشة الناشئة إلى العلماء والخبراء الاجتماعيين المتخصصين في العلوم السلوكية، غير أن مساهمتهم مهمة للغاية.وينبغي كذلك سماع رأي رجال القانون.
سادسا، السؤال الذي مفاده هل المساءلة إزاء العدالة الجنائية يمكن أن تسهم في المصالحة مختلف عن السؤال الذي مفاده هل ينبغي أن يكون هذا هو الهدف. لم تحاول هذه الحلقة الإجابة عن السؤال الثاني. حيث يدعونا السؤالان إلى إيضاح توقعاتنا بشأن العدالة الجنائية الدولية. فمن المعقول والمهم أيضا أن نتوقع (أ) تحقيقات وتوجيه تهم وإصدار أحكام بكفاءة عالية، (ب) مع اختيار أنسب القضايا، (ج) بطريقة تلبي احتياجات المهمة لدى الضحايا. لكن ربما توجد أفكار أخرى تتعلق بأدوار العدالة إزاء جرائم الحرب تتجاوز ما ذكرناه."